ترجمة موجزة للشيخ حمَّاد الأنصاري رحمه الله
هو الشيخ حماد بن محمد الأنصاري الخزرجي السعدي - نسبة إلى سعد بن عبادة - الصحابي الجليل - , ولد سنة 1343 هـ ببلدة يقال لها ( تاد مكة ) في مالي بأفريقيا .
كانت علامات النجابة باديةُ عليه منذ الصغر , محباً للعلم , حيث نشأ عند عمه الملقب بالبحر لسعة علمه ودقة فهمه , حيث حفظ القرآن مبكراً وعمره ثمان سنوات , وعلوم الآلة , وكذلك الحديث , والكثير من المتون والمنظومات قبل سن الرشد , فقد كان يحفظ ( الملحة ) للحريري , و( الكافية والالفية ) لابن مالك , و ( الالفية ) للسيوطي , و( جمع الجوامع ) للسبكي , والمعلقات السبع وقصائد العرب ,,, وغيرها .
خرج من بلده , مهاجراً بسبب الإستعمار الفرنسي .
وكان عمره إحدى وعشرون سنة , فتوجه إلى الحرمين , فلما حط رحاله في الحرم المكي , أخذ ينهل من العلم في حلقات المسجد الحرام , وكان من شيوخه فيها , الشيخ حامد الفقي , والشيخ عبدالله المشاط , والشيخ محمد أمين الحلبي ….
وما لبث حتى أذن له الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ بالتدريس في حلقات الحرم المكي .
ثم انتقل رحمه الله إلى المدينة المنورة , والتحق بدار العلوم , ودَرَسَ على عدد من العلماء فيها , منهم : محمد الحافظ , وعمر بري , وعبده خديع , وغيرهم …
ثم رجع إلى مكة , وفي موسم الحج , حصل لقاء مع الشيخ عبداللطيف بن ابراهيم والشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ , فأشارا عليه بالذهاب إلى الرياض , فذهب , وأصبح يُدَرِّس في كلية الشريعة , ثم انتقل إلى معهد إمام الدعوة العلمي , ثم عاد إلى الكلية , ثم نُقل إلى الجامعة الاسلامية بالمدينة .
وقد اشتهر رحمه الله بحبه للعلم وطلابه , حيث كان يقضي غالب وقته في المذاكرة معهم , وكان مقصد الكثير من العلماء وطلاب العلم في بيته العامر بالمدينة المورة , حيث يجدون عنده بغيتهم , وكانت مكتبته مشهورة لدى طلاب العلم باحتوائها على المراجع والمصنفات في شتى فنون الشريعة , وكان ييسر لهم ما يريدون من الكتب بتصويره لهم , وكن رحمه الله يهتم بجمع المخطوطات خصوصاً في علم الحديث , وقد كان له الفضل بعد الله في طباعة الكثير من كتب الحديث وإخراجها لطلاب العلم , ويقدر عدد الكتب في مكتبته بأكثر من ثلاثة آلاف مجلد أغلبها في علم الحديث .
هذا وقد تتلمذ على يديه - رحمه الله - جمع غفير من طلاب العلم والمشايخ , ونذكر منهم : ( الشيخ عبدالله بن جبرين , الشيخ بكر أبو زيد , والشيخ ربيع بن هادي , والشيخ صالح العبود , والشيخ صالح آل الشيخ , والشيخ علي الفقيهي , والشيخ صالح السحيمي , والشيخ عطية سالم ( قرأ عليه في النحو ) , والشيخ محمد بن ناصر العجمي من الكويت , والشيخ عبدالرزاق البدر , والشيخ عمر فلاته , وغيرهم من كبار طلاب العلم .....
وقد ترك رحمه الله إرثاً عظيماً من المؤلفات في فنون مختلفة , فمنها : في النحو ( الأجوبة الوفية عن أسئلة الألفية ) وفي العقيدة , كتاب ( أبو الحسن الأشعري وعقيدته ) ومنها في الفقه ( تحفة السائل عن صوم المرضع والحامل ) وفي الحديث ( إتحاف ذوي الرسوخ بمن دلس من الشيوخ ) وكتاب ( سبيل الرشد في تخريج أحاديث بداية ابن رشد ) والكثير من المؤلفات النفيسة التي يحرص طلاب العلم على اقتنائها والإفادة منها , وقد شارك رحمه الله في جمع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية مع ابن قاسم رحمه الله .
من أقواله وأحواله رحمه الله - ذكرها ابنه عبد الأول الأنصاري :
قال رحمه الله : ( كنت كلما رأيت مخطوطةً نسختها(
وقال : ( كنت في شبابي أقرأ وأكتب إلى الفجر , ولا أنام إلا شيئاً قليلاً من الظهر(
وقال : ( أعطيت الجامعة الإسلامية أربعمائة مخطوط , بعضها بخطّي(
وقال : ( الكتب عندي أفضل من قصور الملوك (
وقال : ( عندي إجازات في كل علم حتى في الهندسة !(
وقال : ( كنا لا ندرس شيئاً من العلم حتى نحفظه(
قال ابنه عبد الأول : كان كثيراً ما يجلس في صالة المنزل قبل الظهيرة وبعدها , ويأخذ أي كتاب من مكتبته , ويقرأ بصوتٍ عالٍ على طريقة أهل بلده، وكان لها نغمة خاصة .
وقال رحمه الله : ( أخذت في مكتبة الحرم سبع سنوات أنسخ المخطوطات , ولم يكن هناك تصوير (
وكان يقول : ( أنا لست بمفتي , أنا خادم طلبة العلم (
ولما أرادوا فتح جامعة إسلامية أشار على الشيخ محمد بن ابراهيم أن تكون في المدينة , وقال : ( سبق وأن كانت في المدينة جامعة إسلامية ألا وهي أبو بكر رضي الله عنه , يمثل العرب , وبلال يمثل الحبشة , وهكذا .. (
وقال : ( كان لي شيخ يقول لي : لا بد أن تسافر إلى نجد فإنك إذا عشت معهم كأنك تعيش مع الصحابة ) - لكثرة العلماء فيها وصفاء معتقدهم .
وقال : ( أيامي في الرياض , كانت الأيام الذهبية (
ومن وصاياه وحِكَمِه رحمه الله :
قوله : ( ما أكثر ما كُتِب وما أقلّ ما قُرئ (
وقوله ) : أنا لاحظت طلبة العلم في هذا العصر لا يتذاكرون (
وقال لبعض الطلبة ) : خذوا كتاب ابن جماعة في آداب السامع والمتعلم , واقرأوا كل يوم فصلاً منه (
وقال رحمه الله : ( إن طلبة العلم اليوم شَغَلَهُم العدو – أي الكفار – عن الطلب , وأن طلب العلم واجب عليهم في هذا الوقت (
وقال عن النساء: ( إنهن في هذا الزمان امتزن بالنشاط والاستعداد للبحث (
وقال عن الدعوة: ( إنها ميدان لا ينبغي أن يدخل فيه إلا أهل البصيرة (
وقال رحمه الله: ( على العلماء أن يُحدِّثوا الناس بما يعقلون , وأن لا يُدخلوهم في المتاهات (
وقال : ( إن هذا العصر مريب , وخاصة بعد فتنة الحرم , وأنا أعمل بالحديث الضعيف " احترسوا من الناس بسوء الظن " وأنا أتحفظ كثيراً من أهل هذا العصر وبالأخص من الشباب (
وقال عن علم النفس : ( يسمونه تربية وأنا أسميه "تردية" (
وقال لطالب علم : ( لا تكثر قراءة الكتب التي فيها الشذوذ العلمي (
ومناقبه رحمه الله كثيرة لا حصر لها .
هذا وقد توفي الشيخ حماد رحمه الله في يوم الاربعاء 21 \ 6 \ 1418هـ بعد مرض لازمه عدة أشهر , وصُلّيَ عليه في المسجد النبوي الشريف بعد صلاة العصر , وأم المصلين الشيخ عبدالباري الثبيتي , وشيَّعه جمع غفير من طلبة العلم والمشايخ .
فرحمه الله رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته , وجمعنا به في مقعد صدق عنده سبحانه إنه جواد كريم , والله أعلم , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الترجمة مستقاة من كتاب ( المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد الأنصاري ( تأليف وجمع : عبد الأول بن حماد الأنصاري.
في المرفقات :-
- المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد الأنصاري تأليف وجمع : عبدالأول بن حماد الأنصاري ، وهو نادر الوجود لا تكاد تجده في المكتبات، وفيه فوائد ودرر، ويعوزه الترتيب.
- رسائل في العقيدة للشيخ المحدث حماد الأنصاري رحمه الله
- وهناك لقاء ماتع-صوتي- على الرابط :http://www.mahaja.com/library/lectures/lecture/792
ويدور حول ترجمة وسيرة العلامة المحدث أبي عبد اللطيف حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله ، وقد تكرم ابنه فضيلة شيخنا عبد الباري بن حماد الأنصاري بالإجابة على الأسئلة عن حياة وخدمات والده رحمه الله
- كتب الشيخ للشاملة